ما معنى مصطلح حضارة

الرئيسية / عام / ما معنى مصطلح حضارة
ميغا مان
ميغا مان
35 مشاهدة مشاهدات اليوم 1

السؤال هو ما معنى مصطلح حضارة

الاجابات (1)

فاتنه احمد
فاتنه احمد 
9/29/2015 في 8:07:06 PM

إن معنى كلمة الحضارة في اللغة هو كما ورد في لسان العرب: "الإقامة في الحَضَر (...) والحَضَر والحَضْرَة والحاضِرة : خلاف البادية، وهي المدن والقرى والريف". إذن، فحين تذكر الحضارة في اللغة فإنه يقصد بها ما هو عكس البداوة، أي سكن المدن والقرى. إلا أن هذا المعنى اللغوي للعبارة ليس هو المقصود حين الكلام عن الحضارة في النصوص الفكرية والتاريخية والسياسية المعاصرة. إذ أصبح لكلمة الحضارة مدلول اصطلاحي جديد مختلف عن المدلول اللغوي الأصلي.
ونشأة هذا الاصطلاح تعود في الواقع إلى الدراسات الأوربيّة، وذلـك حـيـن درج الغربيون على استـخـدام كـلـمــة "Civilisation" -وترجمتها إلى العربية الحضارة أو المدنية - للتعبير بها عن التطور المادي والصناعي والعمراني الذي أخذ يطّرد بسرعة خلال العصور الحديثة التي تلت القرن الخامس عشر الميلادي والتي سميت بعصور النهضة. إلا أن تلك العبارة تحولت مع مرور الوقت عن ذلك المدلول لتأخذ مدلولاً آخر جديداً. فقد أصبحت تطلق على ما يملكه شعب ما أو مجتمع ما أو أمة من الأمم من تراث وخصائص وإبداعات يتميز بها عن غيره من المجتمعات. فأصبح المؤرخون والمفكرون والكتّاب يتكلمون عن حضارات عديدة سالفة ومعاصرة. كالحضارة المصرية القديمة والحضارة اليونانية والحضارة السومرية والرومانية والفارسية والصينية والهندية وحضارة أوربّا العصور الوسطى والحضارة الإسلامية وأخيراً الحضارة الغربية المعاصرة والحضارة الشيوعية وما شاكل ذلك.
وقد نقل هذا الاصطلاح الغربي إلى اللغة العربية باستخدام عبارتين هما الحضارة و المدنية. فأصبحت هاتان الكلمتان تستخدمان للدلالة على ذلك المعنى الاصطلاحي الجديد.
إلا أن المشكلة في هذا الاصطلاح، هي أن معظم الذين يستخدمونه يُدخلون في مدلوله كل ما يملكه مجتمعٌ ما أو يرثه أو يبدعه من أفكار وتشريعات وفنون وإنجازات علمية ومادية وغيرها، بصرف النظر عما هو من مميزات ذلك المجتمع وما ليس من مميزاته، من ذلك التراث وتلك الإنجازات والإبداعات التي يملكها.
مع أننا حين نتكلم عن حضارة مجتمع من المجتمعات، فإننا نتكلم عن طريقة العيش التي تميز ذلك المجتمع عن سائر المجتمعات. وواضح للعيان تاريخاً وحاضراً أن لكل مجتمع طريقة في العيش تميزه عن سائر المجتمعات تجعل منه جماعة بشرية ذات شخصية معينة ولون متميز وهوية خاصة، هذه الطريقة في العيش التي تميز مجتمعاً عن آخر هي ما يعبر عنه باصطلاح الحضارة.
لذلك يجب أن يلحظ حين استخدام ذلك الاصطلاح وتعريف مدلوله أن لا يدخل ضمنه إلا ما هو من مقومات شخصية المجتمع التي تجعل منه مجتمعاً معيناً يختلف عن غيره من المجتمعات في طريقة عيشه، فلا تدخل الأشكال والوسائل المادية التي يستخدمها المجتمع في شؤون الحياة والتي لا يتميز بها عن غيره من المجتمعات. فالمصانع والسيارات والطائرات وسائر الإنجازات المادية التي تنتجها أمة من الأمم ليست هي التي تميزها عن غيرها من المجتمعات وليست هي التي تعطيها هويتها. فهذه أشكال ووسائل "حيادية"، وعامة لكل البشر والمجتمعات. فإننا نجد أن المجتمعات التي تتمسك بحضارتها وطريقة عيشها تقف بالمرصاد أمام كل وافد من الأفكار والأنظمة ووجهات النظر في الحياة، إلا أنها تستفيد في الوقت نفسه مما ينتجه أي شعب أو مجتمع من الأشكال والوسائل المادية ما لم تكن تلك الأشكال والوسائل متعارضة مع حضارتها التي تصوغ مجتمعها وتميز حياتها. بل إنك تجد الدولة الراقية التي تتمسك بحضارتها وتفتخر بها حريصة على مواكبة كل ما يتم إنجازه في البلاد الأخرى من الاختراعات والمبتكرات الفنية والتقنية والعلمية، إذ هي من أسباب القوة التي تحرص الأمة الراقية على امتلاكها. لذلك فإننا لا نستغرب أن يعمل كل من الحلفين الشرقي والغربي إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، على مواكبة ما ينجزه عدوه من مبتكرات وصناعات، بل قد يصل بهما الأمر في بعض الأحيان إلى سرقة التصاميم والمخططات العلمية والصناعية والهندسية والعسكرية. وهذا يعني أن هذه الإنجازات والمبتكرات من الأشكال والوسائل المادية ليست هي التي تطبع المجتمع بطابعه الخاص وهويته المتميزة. أما حين يكون الأمر متعلقاً بالعقائد والإديولوجيا والدراسات السياسية وما شاكل ذلك فإنك تجد كلاً من الفريقين متأهباً دائماً للمواجهة، إما عن طريق ضرب جدار سميك يحول بين تلك الأفكار ووصولها إلى مجتمعه، وإما عن طريق الدعاوة المضادة حيث يجند جيشاً من المفكرين والكتاب والنقاد الذين يوسعون الأفكار الوافدة ضرباً ونقضاً وتشويهاً.
كل ذلك يحتم علينا أن نضبط المصطلح الدال على نمط العيش و هوية المجتمع، فنميز بينه وبين ما يدل على مجموعة الأشكال والوسائل المادية المحسوسة المستعملة في شؤون الحياة، والتي هي عامة لجميع الشعوب والمجتمعات. وبالتالي فإننا نخصص كلمة الحضارة للدلالة على ما يميز المجتمع فيجعل له طريقة خاصة في العيش، ونجعل كلمة المدنية دالة على الوسائل والأشكال المادية المستعملة في شؤون الحياة. وبالرجوع إلى واقع المجتمعات وما يجعلها مجتمعات ذات لون معين ونمط خاص في العيش، نجد أن مجموعة المفاهيم التي يعتنقها مجتمع ما عن الحياة هي التي تعطيه هويته وشخصيته وتجعل له طرازاً خاصاً في العيش. إذ إن تلك المفاهيم هي التي تكيف علاقات الناس فيما بينهم في المجتمع، وما المجتمع إلا ناس قامت بينهم علاقات دائمية، وطبيعة هذه العلاقات في المجتمع هي التي تعطيه هويته وشخصيته( ). وبناء عليه يمكن تعريف الحضارة بأنها "مجموعة المفاهيم عن الحياة".
ونحن المسلمين أحوج ما نكون إلى ذلك التفريق بين الحضارة والمدنية. ذلك أن الإسلام جعل من الأمة الإسلامية أمة متميزة تحيا حياة ذات نمط خاص يتفرد كل التفرد عن سائر أنماط الحياة في المجتمعات البشرية. وما ذلك إلا لأن المجتمع الإسلامي قام على أساس عقيدة مصدرها الوحي الإلهي، انبثق عن هذه العقيدة نظام متماسك وانبنت عليها أفكار شاملة ونجمت عنها مشاعر، فصاغت علاقات الناس في المجتمع الإسلامي. فكانت الحضارة الإسلامية التي تجلت في ذلك المجتمع الإسلامي حضارة متفردة متميزة تتعالى كل التعالي على سائر الحضارات البشرية.
وإذا لم يكن ذلك المصطلح موجوداً في عصور النهضة الإسلامية، فإن المسلمين فرقوا عملياً بين ما يجوز لهم أخذه من الشعوب والأمم الأخرى من وسائل وأشكال، وما يحرم عليهم أخذه مما هو مفاهيم عن الحياة، من عقائد وفلسفات وتشريعات وأنظمة وغيرها.
أما في عصرنا هذا، فمع شيوع اصطلاح الحضارة ومقولات التفاعل الحضاري و التبادل الثقافي، وإزاء الغزو الحضاري والثقافي الوافد من الغرب إلى البلاد الإسلامية، فإنه لا بد من إعطاء رأي الإسلام بوضوح فيما يجوز قبوله وما لا يجوز قبوله، مما يفد إلينا من الأمم والشعوب والدول الأخرى.
فنقول، أما الحضارة فإنه لا يجوز أخذها من أي أمة من الأمم ولا من أي مجتمع من المجتمعات، ذلك أن حضارة المسلمين هي مجموعة المفاهيم الإسلامية عن الحياة، وهذه المفاهيم إمّا منبثقة من أفكار الإسلام أو مبنيّة عليها. وبما أن الإسلام هو دين الله الموحى إلى رسوله r، فإنه لا يقبل التداخل مع غيره من المذاهب والأنظمة والمبادئ، ويتسامى عن الاقتباس من أي حضارة أخرى. والناظر في التاريخ الإسلامي يلمس بجلاء أن الحضارة الإسلامية كانت بريئة من كل ما سواها من الحضارات الإنسانية. إذ لا يجوز للمسلمين أن يقتبسوا العقائد والفلسفات ولا الأنظمة والتشريعات. قال الله تعالى { قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم }( )، وقال سبحانه : { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون }( )، وقال عز وجل: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً }( ). وقال رسول الله r "إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"( )، وقال عليه الصلاة والسلام : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"( )، وقال عليه الصلاة والسلام : "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك"( )، وقال في معرض التبكيت والذم : " لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتـبـعتموهـم" قيل : " يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟" قال : "فمن ؟!"( ).
وبناء عليه، لا يجوز أخذ الفلسفات والعقائد من الكفار لتبنيها والاستفادة منها، وإن جازت دراستها للرد عليها ومجادلة أصحابها. ولا يجوز كذلك أخذ المبادئ من لبرالية وماركسية، ولا أخذ أنظمة الحكم من ديمقراطية وجمهورية وملكية ودكتاتورية وكنفدرالية وغيرها، ولا أخذ أنظمة الاقتصاد من رأسمالية واشتراكية وغيرها، ولا يجوز أخذ وجهات النظر عن الحياة كالحرية والإباحية والوجودية والارتقائية الماركسية أو الهيغلية أو غيرها. ذلك أن كل هذه هي مفاهيم عن الحياة والكون والإنسان أنتجتها عقول المشرعين الذين رسموا للناس حضارات تتنافى مع الحضارة التي يرضاها الله تعالى لعباده.
أما المدنيّة، وهي "مجموعة الأشكال والوسائل المادية المستخدمة في شؤون الحياة"، فهذه يجوز أخذها والاستفادة منها، ما دامت غير ناجمة عن حضارة غير الحضارة الإسلامية، أو ما لم تكن متعارضة مع الحضارة الإسلامية. فهي تكون في هذه الحالة نتاجاً بشرياً حيادياً غير معبر عن وجهة نظر ولا طريقة عيش ولا عن حضارة من الحضارات. وذلك كما أخذ الرسول r أسلوب حفر الخندق من الفرس حين أبلغه إياه سلمان الفارسي رضي الله عنه في غزوة الأحزاب، وكما أخذ عمر بن الخطاب أسلوب الدواوين من الفرس أيضاً، وهي شكل من أشكال المحاسبة المالية وإدارة الأعمال، وكما استفاد المسلمون على مر عصور نهضتهم من العلوم والإنجازات المادية التي أبدعتها الشعوب السالفة والمعاصرة لهم، إذ إن هذه الأشياء تنطبق عليها القاعدة الشرعية "الأصل في الأشياء الإباحة". وبناء عليه يجوز للمسلمين اليوم أن يأخذوا أو يقتبسوا من أي شعب من الشعوب الإبداعات المادية من عسكرية ومدنية وصناعية وغيرها، كالطائرة والسيارة والآلة العسكرية ومعدات الطب والهندسة والمختبرات والنظريات العلمية. بل ربما وجب ذلك في بعض الأحيان، وذلك حين تكون تلك الوسائل من أسباب القوة لقوله تعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة }( )، أو حين تكون تلك الأشكال والوسائل مما لا يتم الواجب إلا به. فإذا كان تصريف الأعمال في مؤسسات الدولة يقتضي العمل بأنظمة إدارة الأعمال وإدخال أجهزة "الكمبيوتر"، وإذا كانت رعاية شؤون الناس تقتضي من الدولة تنظيم السير والبناء والأسواق بأساليب حديثة، فلا بأس في استفادة تلك الأساليب من أي دولة من الدول. ذلك أن كل هذه الأشكال والوسائل المدنية لا ترتبط بحضارة من الحضارات.
أما إن كانت تلك الوسائل والأشكال ناجمة عن حضارة غير الإسلام ومتعارضة مع الحضارة الإسلامية، فإنها في هذه الحالة تأخذ حكم الحضارة، فلا يجوز للمسلمين أخذها والانتفاع بها. مثال ذلك أن صورة امرأة عارية هي في الغرب شكل مدني، ولكن هذا الشكل المدني يرتبط بالحضارة الغربية التي أنتجت الانحلال والفساد الخلقي باسم الحرية بجميع أشكالها. فهذا الشكل المدني مما لا يجوز للمسلمين أخذه لأنه يتعارض مع الإسلام وحضارته التي تعُدّ المرأة عرضاً يجب أن يصان. وكذلك مصانع الخمور وآلات قتل الذبائح المخالفة للطريقة الشرعية، وأسواق البورصة القائمة على العقود الربوية وما شاكلها. فهذه كلها أشكال ووسائل أنتجتها حضارة غير الحضارة الإسلامية، وتتعارض مع الإسلام فلا يجوز أخذها.
ويأخذ حكم الوسائل والأشكال المدنية، كل الفنون والأزياء، فإن كانت ترتبط بوجهة نظر أو حضارة أو دين غير الإسلام، فلا يجوز للمسلمين أخذها. فلا يجوز لهم ارتداء أزياء الرهبان والراهبات والكهّان ومن شاكلهم، إذ لا يجوز التشبه بالكفار.
وخلاصة الكلام، أن الحضارة هي "مجموعة المفاهيم عن الحياة" فلا يجوز للمسلمين أخذها أو أخذ شيء منها من غير الإسلام، لأن إسلامهم أعطاهم حضارة كاملة متميزة. وأما المدنية - وهي مجموعة الأشكال والوسائل المادية المستعملة في شؤون الحياة - فإنها عامة لجميع البشر والمجتمعات، ويجوز للمسلمين أخذها ما لم تتعارض مع الإسلام وحضارته.
هل تريد معرفة الوظائف التي تناسب شخصيتك؟ اختبار تحليل الشخصية مجاني فقط قم بالاجابه عن الاسئلة وستحصل مباشره على النتيجه ابدأاختبار تحليل الشخصية

أسئلة ذات صلة

UnKnown
UnKnown 
تاريخ السؤال 09/04/2017
2,625 مشاهدة
ميغا مان
ميغا مان 
تاريخ السؤال 08/08/2015
ميغا مان
ميغا مان 
تاريخ السؤال 08/08/2015
Red Roze
Red Roze 
تاريخ السؤال 3/13/2015
UnKnown
UnKnown 
تاريخ السؤال 19/12/2017
2,624 مشاهدة