ما الحكمة من اشتراط معرفة من عليه البذر في المزارعة
الرئيسية /
عام /
ما الحكمة من اشتراط معرفة من عليه البذر في المزارعة
السؤال هو ما الحكمة من اشتراط معرفة من عليه البذر في المزارعة
الاجابات (1)
فصل في المزارعة تجوز المزارعة بجزء معلوم يجعل للعامل من الزرع فإن كان في الأرض شجر فزارعه على الأرض وساقاه على الشجر صح ، ولا يشترط كون البذر من رب الأرض ، وظاهر المذهب اشتراطه ، وإن شرط رب الأرض أن يأخذ مثل بذره ويقتسما الباقي ، أو شرطا لأحدهما قفزانا معلومة أو دراهم معلومة أو زرع ناحية معينة من الأرض فسدت المزارعة والمساقاة ، ومتى فسدت فالزرع لصاحب البذر وعليه أجرة صاحبه . فصل في المزارعة
هي مفاعلة من الزرع ، وهي دفع أرض وحب لمن يزرعه ، ويقوم عليه بجزء مشاع معلوم منه .
( تجوز المزارعة بجزء ) مشاع ( يجعل للعامل من الزرع ) هذا قول أكثر العلماء ، قال البخاري : قال أبو جعفر : ما بالمدينة أهل بيت إلا يزرعون على الثلث ، والربع ، وزارع علي ، وابن مسعود ، وسعد ، وعمر بن عبد العزيز ، والقاسم ، وعروة ، وآل أبي [ ص: 56 ] بكر ، وآل عمر ، وابن سيرين ، وعامل عمر على أنه إن جاء بالبذر فله الشطر ، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا ، وحكى أبو الخطاب في المساقاة رواية بمنعها ، وعن ابن عباس الأمران ، وحديث رافع وإن كان في الصحيحين ففيه اضطراب كثير ، قال ابن المنذر : وقد أنكره فقيهان من الصحابة زيد بن ثابت ، وابن عباس ، لا يقال : أحاديثكم محمولة على الأرض التي بين النخيل ، وأحاديث النهي على الأرض البيضاء ; لأنه بعيد من أوجه : أولا : أنه يبعد أن تكون بلدة كبيرة يأتي منها أربعون ألف وسق ، وليس فيها أرض بيضاء ، وتبعد معاملتهم بعضهم على بعض لنقل الرواة القصة على العموم ، ثانيا : لا دليل على ما ذكرتم من التأويل ، وما قلناه ورد مفسرا ، ثالثا : إن قولكم يفضي إلى تقييد كل من الحديثين ، وما ذكرناه فيه حمل أحدهما على الآخر ، رابعا : إن عمل الخلفاء والفقهاء من الصحابة وغيرهم دال على ما ذكرنا ، خامسا : إن مذهبنا صار مجمعا عليه فلا يجوز لأحد خلافه مع أن القياس يقتضيه ; لأن الأرض عين تنمي بالعمل ، فجازت المعاملة عليها ببعض نمائها كالمال في المضاربة ، والنخل في المساقاة ، والحاجة داعية إليها لكون أصحاب الأرض لا يقدرون على زرعها ، والأكثر يحتاجون إلى الزرع ولا أرض ، فاقتضت الحكمة جوازها ، قال الشيخ تقي الدين : هي أحل من الإجارة لاشتراكهما في المغنم والمغرم ( فإن كان في الأرض شجر فزارعه على الأرض وساقاه على الشجر صح ) لأن كل واحد منهما عقد لو انفرد لصح ، فكذا إذا اجتمعا ، وسواء قل بياض الأرض أو كثر ، نص عليه ، وسواء تساوى نصيب العامل فيهما أو اختلف ، وسواء كان بلفظ المعاملة أو المساقاة [ ص: 57 ] فلو زارعه على أرض فيها شجر لم يجز للعامل اشتراط ثمرتها ; لأنه اشترط كل الثمرة ، فلم يجز كما لو كان الشجر أكثر من الثلث .
فرع : لا تجوز إجارة أرض وشجر فيها ، قال أحمد : أخاف أنه استأجر شجرا لم يثمر ، وذكر أبو عبيد تحريمه إجماعا ، وجوزه ابن عقيل تبعا ولو كان الشجر أكثر ; لأن عمر ضمن حديقة أسيد بن حضير لما مات ثلاث سنين لوفاء دينه ، رواه حرب وغيره ، ولأنه وضع الخراج على أرض الخراج وهو أجرة ، وجوز الشيخ تقي الدين إجارة الشجر مفردا ، ويقوم عليها المستأجر كأرض لزرع ، فإن تلفت الثمرة فلا أجرة ، وإن نقصت عن العادة فالفسخ أو الأرش لعدم المنفعة المقصودة بالعقد ، وهو كجائحة ( ولا يشترط كون البذر من رب الأرض ) فيجوز أن يخرجه العامل في قول عمر وابن مسعود وغيرهما ، ونص عليه في رواية مهنا ، وصححه في " المغني " ، و " الشرح " واختاره أبو محمد الجوزي ، والشيخ تقي الدين ; لأن الأصل المعول عليه في المزارعة قضية خيبر ، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن البذر على المسلمين ( وظاهر المذهب اشتراطه ) نص عليه في رواية جماعة ، واختاره عامة الأصحاب لأنهما يشتركان في نمائه ، فوجب أن يكون رأس المال من أحدهما كالمضاربة ، ورد بأنه قياس في مقابلة نص ، ثم هو منقوض بما إذا اشترك مالان وبدن أحدهما .
تنبيه : إذا كان البذر بينهما نصفين ، وشرطا المناصفة في الزرع فهو بينهما سواء قيل بصحة المزارعة ، أو فسادها ، فإن حكم بصحتها لم يرجع أحدهما على الآخر بشيء ، وإن حكمنا بفسادها فعلى العامل نصف أجر الأرض ، وله على ربها [ ص: 58 ] نصف أجر عمله ، فيتقاصان بقدر الأقل منهما ، ويرجع أحدهما على الآخر بالفضل ، وإن شرطا التفاضل في الزرع فطاهر على الصحة ، وعلى الفساد الزرع بينهما على قدر البذر ، ويتراجعان كما ذكرنا .
( وإن شرط رب الأرض أن يأخذ مثل بذره ويقتسما الباقي ) لم يصح كأنه اشترط لنفسه قفزانا معلومة ، وهو شرط فاسد تفسد به المزارعة ; لأن الأرض لم تخرج إلا ذلك القدر فيختص به المالك ، وربما لا تخرجه ، وموضوعها على الاشتراك ( أو شرطا لأحدهما قفزانا معلومة ) لما ذكرنا ( أو دراهم معلومة ) لأنه ربما لا تخرج الأرض ما يساوي ذلك ، فيؤدي إلى الضرر ( أو أو زرع ناحية معينة من الأرض فسدت المزارعة والمساقاة ) بإجماع العلماء كأن يشترط ما على الجداول ، قيل : وهي المخابرة سواء كان منفردا ، أو شرطه مع نصيبه ; لأن الخبر الصحيح في النهي عنه غير معارض ولا منسوخ ، ولأنه ربما تلف ما عين له دون الآخر ، فينفرد أحدهما بالغلة دون صاحبه ( ومتى فسدت فالزرع لصاحب البذر ) لأنه عين ماله ينقلب من حال إلى حال ، وينمو فهو كأغصان الشجر إذا غرس ( وعليه أجرة صاحبه ) لأنه دخل على أن يأخذ ما سمي له ، فإذا فات رجع إلى بدله لكونه لم يرض بالعمل مجانا ، فعلى المذهب إن كان البذر من العامل فهو له ، وعليه أجرة مثل الأرض لربها وهي المخابرة ، وإن كان البذر من رب الأرض فهو له ، وعليه أجرة مثل العامل ، وإن كان منهما فالزرع بينهما ، ويتراجعان بالفاضل .
فرع : يشترط معرفة جنس البذور ولو تعدد وقدره ، فلو دفعه إلى [ ص: 59 ] صاحب أرض ليزرعه فيها وما يخرج يكون بينهما فهو فاسد ; لأن البذر ليس من رب الأرض ، ولا من العامل ، فالزرع لمالك البذر ، وعليه أجرة الأرض ، والعمل ، وقيل : يصح ، مأخوذ من مسألة الاشتراك .
( وحكم المزارعة حكم المساقاة فيما ذكرنا ) أي من الجواز ، واللزوم ، وأنها لا تجوز إلا بجزء مشاع معلوم للعامل وما يلزمه ورب الأرض ، وغير ذلك من أحكامها ; لأنها معاملة على الأرض ببعض نمائها ( والحصاد على العامل ، نص عليه ) لقصة خيبر ، ولأنه من العمل الذي لا يستغنى عنه ، وقيل : عليهما للاشتراك فيه ، وفي " الموجز " فيه وفي دياس وبذره وحفظه ببيدره روايتا جداد ، واللقاط كالحصاد ، ويكرهان ليلا ، نص عليه ( وكذلك الجداد ) أي على العامل ; لأنه من العمل ، فكان عليه كالتشميس ( وعنه أن الجداد عليهما ) وهو الأصح بصحتهما ; لأنه يوجد بعد تكامل النماء ، أشبه نقله إلى منزله ، ونصر في " المغني " ، و " الشرح " الأول ونقض دليل الثانية بالتشميس ، وفارق النقل إلى المنزل ، فإنه يكون بعد القسمة وزوال العقد أشبه المخزن ( وإن قال : أنا أزرع الأرض ببذري وعواملي وتسقيها بمائك والزرع بيننا ، فهل تصح ؛ على روايتين ) كذا في " الفروع " إحداهما لا تصح ، اختارها القاضي وصححها في " المغني " ، و " الشرح " ; لأن موضوع المزارعة على أن يكون من أحدهما الأرض ، ومن الآخر العمل ، وصاحب الماء ليس منه أرض ولا عمل ولا بذر ، ولأن الماء لا يباع ولا يستأجر ، فكيف تصح المزارعة به ، والثانية : بلى ، نقلها يعقوب وحرب ، واختارها أبو بكر ; لأن الماء من جملة ما يحتاج إليه [ ص: 60 ] الزرع ، فجاز جعله من أحدهما كالأرض والعمل ، ولأنه لما جاز إيجار الأرض ببعض ما يخرج منها وهو مجهول جاز أن يجعل عوض الماء كذلك ، ورد بالمنع في العلة الأخيرة ، وبتقدير التسليم ، فما الجامع .
فرع : آجر أرضه للزرع ، فزرعها ، فلم تنبت ، ثم نبت في سنة أخرى فهو للمستأجر ، وعليه أجرة الأرض مدة احتسابها .
( وإن زارع شريكه في نصيبه صح ) في الأصح ; لأنه بمنزلة شراء الشريك نصيب شريكه ، وشرطه أن يجعل له في الزرع أكثر من نصيبه مثل أن تكون الأرض بينهما نصفين ، فيجعل للعامل الثلثين ، فيصير السدس حصته في المزارعة ، فصار كأنه قال : زارعتك على نصيبي بالثلث فصح كالأجنبي ، والثاني : لا تصح ; لأن النصف للمزارع ، ولا يصح أن يزارع الإنسان لنفسه ، فإذا فسد في نصيبه ، فسد في الجميع ، كما لو جمع في البيع بين ما يجوز وما لا يجوز .
مسائل : الأولى : اشترك ثلاثة ، من أحدهم البذر ، ومن الآخر الأرض ، ومن الثالث العمل على أن ما فتح الله تعالى بينهم فهو فاسد ، نص عليه ، وقاله جماهير العلماء ; لأن موضوع المزارعة أن البذر من رب الأرض أو العامل ، وليست شركة ولا إجارة ، فعلى هذا الزرع لصاحب البذر ، وعليه لصاحبيه أجرة مثلهما ، وفي الصحة تخريج ، وذكره الشيخ تقي الدين رواية واختاره ، وفي مختصر ابن رزين أنه الأظهر ، فإن كان البقر من رابع ، فحديث مجاهد [ ص: 61 ] وضعفه أحمد ; لأنه جعل فيه الزرع لرب البذر ، والنبي صلى الله عليه وسلم جعله لرب الأرض .
الثانية : اشترك ثلاثة في أرض لهم على أن يزرعوها ببذرهم ودوابهم وأعوانهم على أن ما خرج منها بينهم على قدر ما لهم ، جاز بغير خلاف نعلمه .
الثالثة : ما سقط من حب وقت حصاد فنبت عاما آخر فلرب الأرض ، نص عليه ، وفي " المبهج " وجه لهما ، وفي " الرعاية " : لرب الأرض مالكا ، أو مستأجرا ، أو مستعيرا ، وقيل : له حكم عارية ، وقيل : غصب ، وكذا نص فيمن باع فصيلا فحصد وبقي يسير فصار سنبلا ، فلرب الأرض .
الرابعة : لا خلاف في إباحة ما يتركه الحصاد ، وكذا اللقاط ، وفي " الرعاية " يحرم منعه ، نقل المروذي إنما هو بمنزلة المباح ، ونقل عنه : لا ينبغي أن يدخل مزرعة أحد إلا بإذنه ، وقال : لم ير بأسا بدخوله يأخذ كلا وشوكا لإباحته ظاهرا ، وعرفا ، وعادة .
المرجع islamweb.net
هي مفاعلة من الزرع ، وهي دفع أرض وحب لمن يزرعه ، ويقوم عليه بجزء مشاع معلوم منه .
( تجوز المزارعة بجزء ) مشاع ( يجعل للعامل من الزرع ) هذا قول أكثر العلماء ، قال البخاري : قال أبو جعفر : ما بالمدينة أهل بيت إلا يزرعون على الثلث ، والربع ، وزارع علي ، وابن مسعود ، وسعد ، وعمر بن عبد العزيز ، والقاسم ، وعروة ، وآل أبي [ ص: 56 ] بكر ، وآل عمر ، وابن سيرين ، وعامل عمر على أنه إن جاء بالبذر فله الشطر ، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا ، وحكى أبو الخطاب في المساقاة رواية بمنعها ، وعن ابن عباس الأمران ، وحديث رافع وإن كان في الصحيحين ففيه اضطراب كثير ، قال ابن المنذر : وقد أنكره فقيهان من الصحابة زيد بن ثابت ، وابن عباس ، لا يقال : أحاديثكم محمولة على الأرض التي بين النخيل ، وأحاديث النهي على الأرض البيضاء ; لأنه بعيد من أوجه : أولا : أنه يبعد أن تكون بلدة كبيرة يأتي منها أربعون ألف وسق ، وليس فيها أرض بيضاء ، وتبعد معاملتهم بعضهم على بعض لنقل الرواة القصة على العموم ، ثانيا : لا دليل على ما ذكرتم من التأويل ، وما قلناه ورد مفسرا ، ثالثا : إن قولكم يفضي إلى تقييد كل من الحديثين ، وما ذكرناه فيه حمل أحدهما على الآخر ، رابعا : إن عمل الخلفاء والفقهاء من الصحابة وغيرهم دال على ما ذكرنا ، خامسا : إن مذهبنا صار مجمعا عليه فلا يجوز لأحد خلافه مع أن القياس يقتضيه ; لأن الأرض عين تنمي بالعمل ، فجازت المعاملة عليها ببعض نمائها كالمال في المضاربة ، والنخل في المساقاة ، والحاجة داعية إليها لكون أصحاب الأرض لا يقدرون على زرعها ، والأكثر يحتاجون إلى الزرع ولا أرض ، فاقتضت الحكمة جوازها ، قال الشيخ تقي الدين : هي أحل من الإجارة لاشتراكهما في المغنم والمغرم ( فإن كان في الأرض شجر فزارعه على الأرض وساقاه على الشجر صح ) لأن كل واحد منهما عقد لو انفرد لصح ، فكذا إذا اجتمعا ، وسواء قل بياض الأرض أو كثر ، نص عليه ، وسواء تساوى نصيب العامل فيهما أو اختلف ، وسواء كان بلفظ المعاملة أو المساقاة [ ص: 57 ] فلو زارعه على أرض فيها شجر لم يجز للعامل اشتراط ثمرتها ; لأنه اشترط كل الثمرة ، فلم يجز كما لو كان الشجر أكثر من الثلث .
فرع : لا تجوز إجارة أرض وشجر فيها ، قال أحمد : أخاف أنه استأجر شجرا لم يثمر ، وذكر أبو عبيد تحريمه إجماعا ، وجوزه ابن عقيل تبعا ولو كان الشجر أكثر ; لأن عمر ضمن حديقة أسيد بن حضير لما مات ثلاث سنين لوفاء دينه ، رواه حرب وغيره ، ولأنه وضع الخراج على أرض الخراج وهو أجرة ، وجوز الشيخ تقي الدين إجارة الشجر مفردا ، ويقوم عليها المستأجر كأرض لزرع ، فإن تلفت الثمرة فلا أجرة ، وإن نقصت عن العادة فالفسخ أو الأرش لعدم المنفعة المقصودة بالعقد ، وهو كجائحة ( ولا يشترط كون البذر من رب الأرض ) فيجوز أن يخرجه العامل في قول عمر وابن مسعود وغيرهما ، ونص عليه في رواية مهنا ، وصححه في " المغني " ، و " الشرح " واختاره أبو محمد الجوزي ، والشيخ تقي الدين ; لأن الأصل المعول عليه في المزارعة قضية خيبر ، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن البذر على المسلمين ( وظاهر المذهب اشتراطه ) نص عليه في رواية جماعة ، واختاره عامة الأصحاب لأنهما يشتركان في نمائه ، فوجب أن يكون رأس المال من أحدهما كالمضاربة ، ورد بأنه قياس في مقابلة نص ، ثم هو منقوض بما إذا اشترك مالان وبدن أحدهما .
تنبيه : إذا كان البذر بينهما نصفين ، وشرطا المناصفة في الزرع فهو بينهما سواء قيل بصحة المزارعة ، أو فسادها ، فإن حكم بصحتها لم يرجع أحدهما على الآخر بشيء ، وإن حكمنا بفسادها فعلى العامل نصف أجر الأرض ، وله على ربها [ ص: 58 ] نصف أجر عمله ، فيتقاصان بقدر الأقل منهما ، ويرجع أحدهما على الآخر بالفضل ، وإن شرطا التفاضل في الزرع فطاهر على الصحة ، وعلى الفساد الزرع بينهما على قدر البذر ، ويتراجعان كما ذكرنا .
( وإن شرط رب الأرض أن يأخذ مثل بذره ويقتسما الباقي ) لم يصح كأنه اشترط لنفسه قفزانا معلومة ، وهو شرط فاسد تفسد به المزارعة ; لأن الأرض لم تخرج إلا ذلك القدر فيختص به المالك ، وربما لا تخرجه ، وموضوعها على الاشتراك ( أو شرطا لأحدهما قفزانا معلومة ) لما ذكرنا ( أو دراهم معلومة ) لأنه ربما لا تخرج الأرض ما يساوي ذلك ، فيؤدي إلى الضرر ( أو أو زرع ناحية معينة من الأرض فسدت المزارعة والمساقاة ) بإجماع العلماء كأن يشترط ما على الجداول ، قيل : وهي المخابرة سواء كان منفردا ، أو شرطه مع نصيبه ; لأن الخبر الصحيح في النهي عنه غير معارض ولا منسوخ ، ولأنه ربما تلف ما عين له دون الآخر ، فينفرد أحدهما بالغلة دون صاحبه ( ومتى فسدت فالزرع لصاحب البذر ) لأنه عين ماله ينقلب من حال إلى حال ، وينمو فهو كأغصان الشجر إذا غرس ( وعليه أجرة صاحبه ) لأنه دخل على أن يأخذ ما سمي له ، فإذا فات رجع إلى بدله لكونه لم يرض بالعمل مجانا ، فعلى المذهب إن كان البذر من العامل فهو له ، وعليه أجرة مثل الأرض لربها وهي المخابرة ، وإن كان البذر من رب الأرض فهو له ، وعليه أجرة مثل العامل ، وإن كان منهما فالزرع بينهما ، ويتراجعان بالفاضل .
فرع : يشترط معرفة جنس البذور ولو تعدد وقدره ، فلو دفعه إلى [ ص: 59 ] صاحب أرض ليزرعه فيها وما يخرج يكون بينهما فهو فاسد ; لأن البذر ليس من رب الأرض ، ولا من العامل ، فالزرع لمالك البذر ، وعليه أجرة الأرض ، والعمل ، وقيل : يصح ، مأخوذ من مسألة الاشتراك .
( وحكم المزارعة حكم المساقاة فيما ذكرنا ) أي من الجواز ، واللزوم ، وأنها لا تجوز إلا بجزء مشاع معلوم للعامل وما يلزمه ورب الأرض ، وغير ذلك من أحكامها ; لأنها معاملة على الأرض ببعض نمائها ( والحصاد على العامل ، نص عليه ) لقصة خيبر ، ولأنه من العمل الذي لا يستغنى عنه ، وقيل : عليهما للاشتراك فيه ، وفي " الموجز " فيه وفي دياس وبذره وحفظه ببيدره روايتا جداد ، واللقاط كالحصاد ، ويكرهان ليلا ، نص عليه ( وكذلك الجداد ) أي على العامل ; لأنه من العمل ، فكان عليه كالتشميس ( وعنه أن الجداد عليهما ) وهو الأصح بصحتهما ; لأنه يوجد بعد تكامل النماء ، أشبه نقله إلى منزله ، ونصر في " المغني " ، و " الشرح " الأول ونقض دليل الثانية بالتشميس ، وفارق النقل إلى المنزل ، فإنه يكون بعد القسمة وزوال العقد أشبه المخزن ( وإن قال : أنا أزرع الأرض ببذري وعواملي وتسقيها بمائك والزرع بيننا ، فهل تصح ؛ على روايتين ) كذا في " الفروع " إحداهما لا تصح ، اختارها القاضي وصححها في " المغني " ، و " الشرح " ; لأن موضوع المزارعة على أن يكون من أحدهما الأرض ، ومن الآخر العمل ، وصاحب الماء ليس منه أرض ولا عمل ولا بذر ، ولأن الماء لا يباع ولا يستأجر ، فكيف تصح المزارعة به ، والثانية : بلى ، نقلها يعقوب وحرب ، واختارها أبو بكر ; لأن الماء من جملة ما يحتاج إليه [ ص: 60 ] الزرع ، فجاز جعله من أحدهما كالأرض والعمل ، ولأنه لما جاز إيجار الأرض ببعض ما يخرج منها وهو مجهول جاز أن يجعل عوض الماء كذلك ، ورد بالمنع في العلة الأخيرة ، وبتقدير التسليم ، فما الجامع .
فرع : آجر أرضه للزرع ، فزرعها ، فلم تنبت ، ثم نبت في سنة أخرى فهو للمستأجر ، وعليه أجرة الأرض مدة احتسابها .
( وإن زارع شريكه في نصيبه صح ) في الأصح ; لأنه بمنزلة شراء الشريك نصيب شريكه ، وشرطه أن يجعل له في الزرع أكثر من نصيبه مثل أن تكون الأرض بينهما نصفين ، فيجعل للعامل الثلثين ، فيصير السدس حصته في المزارعة ، فصار كأنه قال : زارعتك على نصيبي بالثلث فصح كالأجنبي ، والثاني : لا تصح ; لأن النصف للمزارع ، ولا يصح أن يزارع الإنسان لنفسه ، فإذا فسد في نصيبه ، فسد في الجميع ، كما لو جمع في البيع بين ما يجوز وما لا يجوز .
مسائل : الأولى : اشترك ثلاثة ، من أحدهم البذر ، ومن الآخر الأرض ، ومن الثالث العمل على أن ما فتح الله تعالى بينهم فهو فاسد ، نص عليه ، وقاله جماهير العلماء ; لأن موضوع المزارعة أن البذر من رب الأرض أو العامل ، وليست شركة ولا إجارة ، فعلى هذا الزرع لصاحب البذر ، وعليه لصاحبيه أجرة مثلهما ، وفي الصحة تخريج ، وذكره الشيخ تقي الدين رواية واختاره ، وفي مختصر ابن رزين أنه الأظهر ، فإن كان البقر من رابع ، فحديث مجاهد [ ص: 61 ] وضعفه أحمد ; لأنه جعل فيه الزرع لرب البذر ، والنبي صلى الله عليه وسلم جعله لرب الأرض .
الثانية : اشترك ثلاثة في أرض لهم على أن يزرعوها ببذرهم ودوابهم وأعوانهم على أن ما خرج منها بينهم على قدر ما لهم ، جاز بغير خلاف نعلمه .
الثالثة : ما سقط من حب وقت حصاد فنبت عاما آخر فلرب الأرض ، نص عليه ، وفي " المبهج " وجه لهما ، وفي " الرعاية " : لرب الأرض مالكا ، أو مستأجرا ، أو مستعيرا ، وقيل : له حكم عارية ، وقيل : غصب ، وكذا نص فيمن باع فصيلا فحصد وبقي يسير فصار سنبلا ، فلرب الأرض .
الرابعة : لا خلاف في إباحة ما يتركه الحصاد ، وكذا اللقاط ، وفي " الرعاية " يحرم منعه ، نقل المروذي إنما هو بمنزلة المباح ، ونقل عنه : لا ينبغي أن يدخل مزرعة أحد إلا بإذنه ، وقال : لم ير بأسا بدخوله يأخذ كلا وشوكا لإباحته ظاهرا ، وعرفا ، وعادة .
المرجع islamweb.net
هل تريد معرفة الوظائف التي تناسب شخصيتك؟
اختبار تحليل الشخصية مجاني فقط قم بالاجابه عن الاسئلة وستحصل مباشره على النتيجه
ابدأاختبار تحليل الشخصية
أسئلة ذات صلة
3,793 مشاهدة
3,792 مشاهدة
3,005 مشاهدة
3,004 مشاهدة